كيف ننعى الأحباء؟

كيف ننعى الأحباء؟

في الثامن من يوليو، علمنا أن رفيقنا وصديقنا وزميلنا ونديمنا طارق مصطفى غادر الحياة. كان لهذا الخبر وقع صادم علينا، خبر قاسي ومؤلم. نحن لم ولن نكون جاهزات أبدا على الفراق، كان ويبقى تي تي يانعا ويافعا ومزّهراً في الحياة، كان تي تي محبّا للحياة وعاشقا للفن لكنه أيضا كان ويبقى دليلاً على نضال أبناء المدن البعيدة القادمين إلى المدينة الكبيرة ليغيّروها لا لتغيّرهم.

 في 2013، وبينما كُنا نجتمع ونتناقش بتأسيس التحالف، كان طارق شاهدا على هذه النقاشات وداعما لتأسيس التحالف وكان دائما حاضرا في الخلفية، ليساعد، ليفكر، ليناقش وأحيانا كثيرة ليذكرنا أن الحياة أحيانا حلوة، وكم كانت حلوة معه وبصحبته.

عمل طارق على ملفات كثيرة،  أصدر  مجموعة قصص قصيرة بعنوان،”الشوارع الجانبية للميدان”  وكان سؤاله الأنثروبولوجي والمعرفي متعلق في عمله وتنظيمه على الرجولية وما يصنعها في مصر وفي شبرا كمثال، وكيف تتقاطع مع الطائفية، وقد كتب أطروحة الماجستير عنها ويمكن قراءتها هنا.  كتب في عدّة مواقع ويمكن قراءة بعض من مقالاته هُنا.

 كان العنوان الآخر مختصا بالحريات والجندر. أسس طارق مجموعات وتنظيمات مختلفة في الماضي، الأكثر من ذلك خلق “كومينتي” من أشخاص وأفراد أسسوا معه عائلاتنا البديلة والمختارة. أطلق الناس على شقته تسمية ” بيت تي تي “، حيث استقبل من تقطعت فيهن وفيهم السبل، الباحثين عن الأمن والدعم والحب. لهذا يبقى تي تي مثلا للمنظّم المجتمعي القادر على إيصال الناس مع بعضها البعض، كان رائعا في تذكيرنا بالعلاقات الإنسانية والصداقات كأساس للدفاع عن حقوق الإنسان، كان شفافاً في قيمه وكان صادقا في عواطفه، وبسبب ذلك، نجى صديقنا الحبيب والمحب من عنف تكرر في أماكن عمله ودراسته، ورغم آلامه وجراحه، باح علنا، كتب علنا، كان شجاعا وجسورا.

أحيانا كان طارق يحب الغناء، فكان يغني، وأحيانا كان يحب الرقص، فكان يرقص. أحيانا كان يرّدد جملا يتماهى معها من الأفلام، أحيانا كانت عيناه تلمع حين يربط بين ما هو سياسي وما هو شخصي، أحيانا كان يدفع الناس في الكوميونتي إلى أن تكون أشخاصا أفضل، أن  نحب بعضنا أكثر، أن  نتفهم أنفسنا أفضل، لكن الحكمة الذهبية كانت أن  نكون دائما من نحن وكيف نحن. طارق كان حقيقيا في كل شيء، ولهذا خسارته فادحة. من يفتح للقادمين الجدد طريقا من قُزح؟

يحزن على طارق، أهله وجيرانه، وأيضا أصدقائه وصديقاته ورفيقاته في النضال النسوي والحريات الخاصة، ليس فقط في مصر، بل منطقتنا.

 تي تي، المنظم المجتمعي والكاتب وروح نضالنا الحلوة، هنشورلك على طول!

Facebook
Twitter
LinkedIn